تناقضات في كيفية ولادة القائم!
صفحة 1 من اصل 1
تناقضات في كيفية ولادة القائم!
«ثُمَّ جَلَسْتُ مُعَقِّبَةً ثُمَّ اضْطَجَعْتُ ثُمَّ انْتَبَهْتُ فَزِعَةً وهِيَ رَاقِدَةٌ ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّتْ قَالَتْ حَكِيمَةُ فَدَخَلَتْنِي الشُّكُوكُ فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنَ المَجْلِسِ فَقَالَ لا تَعْجَلِي يَا عَمَّةُ فَإِنَّ الأَمْرَ قَدْ قَرُبَ قَالَتْ فَقَرَأْتُ الم السَّجْدَةَ ويس فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكِ إِذَا انْتَبَهَتْ فَزِعَةً فَوَثَبْتُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ اسْمُ اللهِ عَلَيْكَ ثُمَّ قُلْتُ لَهَا تَحِسِّينَ شَيْئاً قَالَتْ نَعَمْ يَا عَمَّةُ فَقُلْتُ لَهَا اجْمَعِي نَفْسَكِ واجْمَعِي قَلْبَكِ فَهُوَ مَا قُلْتُ لَكِ قَالَتْ حَكِيمَةُ ثُمَّ أَخَذَتْنِي فَتْرَةٌ وأَخَذَتْهَا فِطْرَةٌ فَانْتَبَهْتُ بِحِسِّ سَيِّدِي فَكَشَفْتُ الثَّوْبَ عَنْهُ فَإِذَا أَنَا بِهِ سَاجِداً يَتَلَقَّى الأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَإِذَا أَنَا بِهِ نَظِيفٌ مُنَظَّفٌ فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ هَلُمِّي إِلَيَّ ابْنِي يَا عَمَّةُ فَجِئْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ تَحْتَ أَلْيَتَيْهِ وظَهْرِهِ ووَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ أَدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ وأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وسَمْعِهِ ومَفَاصِلِهِ ثُمَّ قَالَ تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ثُمَّ صَلَّى عَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وعَلَى الأَئِمَّةِ إِلَى أَنْ وَقَفَ عَلَى أَبِيهِ... الحديث»بحار الأنوار، ج 51/ ص 2-3، حديث رقم 3.
توضيح: يظهر من هذه الرواية أن «حكيمة» لم تر ما حلَّ بالطفل الوليد، إلى أن جاءت الإمام العسكري بالوليد في اليوم السابع لولادته. فلنقارن هذا بما ذكرته بقية الرواية الرابعة التي أوردناها في الفقرة الماضية:
«فَقَالَ: يَا عَمَّتَاهُ! بِيتِيَ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا فَإِنَّهُ سَيُولَدُ اللَّيْلَةَ المَوْلُودُ الكَرِيمُ عَلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ الَّذِي يُحْيِي اللهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قُلْتُ مِمَّنْ يَا سَيِّدِي ولَسْتُ أَرَى بِنَرْجِسَ شَيْئاً مِنْ أَثَرِ الحَمْلِ. فَقَالَ: مِنْ نَرْجِسَ لا مِنْ غَيْرِهَا. قَالَتْ: فَوَثَبْتُ إِلَى نَرْجِسَ فَقَلَبْتُهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أَرَ بِهَا أَثَراً مِنْ حَبَلٍ فَعُدْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا فَعَلْتُ، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي: إِذَا كَانَ وَقْتُ الفَجْرِ يَظْهَرُ لَكِ بِهَا الحَبَلُ لِأَنَّ مَثَلَهَا مَثَلُ أُمِّ مُوسَى لَمْ يَظْهَرْ بِهَا الحَبَلُ ولَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَحَدٌ( ) إِلَى وَقْتِ وِلَادَتِهَا لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَشُقُّ بُطُونَ الحَبَالَى فِي طَلَبِ مُوسَى وهَذَا نَظِيرُ مُوسَى قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمْ أَزَلْ أَرْقُبُهَا إِلَى وَقْتِ طُلُوعِ الفَجْرِ وهِيَ نَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيَّ لا تَقْلِبُ جَنْباً إِلَى جَنْبٍ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَقْتَ طُلُوعِ الفَجْرِ وَثَبَتْ فَزِعَةً فَضَمَمْتُهَا إِلَى صَدْرِي وسَمَّيْتُ عَلَيْهَا فَصَاحَ أَبُو مُحَمَّدٍ وقَالَ: اقْرَئِي عَلَيْهَا إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ. فَأَقْبَلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهَا وقُلْتُ لَهَا: مَا حَالُكِ؟ قَالَتْ: ظَهَرَ الأَمْرُ الَّذِي أَخْبَرَكِ بِهِ مَوْلَايَ. فَأَقْبَلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهَا كَمَا أَمَرَنِي فَأَجَابَنِي الجَنِينُ مِنْ بَطْنِهَا يَقْرَأُ كَمَا أَقْرَأُ وسَلَّمَ عَلَيَّ. قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَفَزِعْتُ لِمَا سَمِعْتُ فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لا تَعْجَبِي مِنْ أَمْرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى يُنْطِقُنَا بِالْحِكْمَةِ صِغَاراً ويَجْعَلُنَا حُجَّةً فِي أَرْضِهِ كِبَاراً فَلَمْ يَسْتَتِمَّ الكَلَامَ حَتَّى غِيبَتْ عَنِّي نَرْجِسُ فَلَمْ أَرَهَا كَأَنَّهُ ضُرِبَ بَيْنِي وبَيْنَهَا حِجَابٌ فَعَدَوْتُ نَحْوَ أَبِي مُحَمَّدٍ وأَنَا صَارِخَةٌ فَقَالَ لِي: ارْجِعِي يَا عَمَّةُ فَإِنَّكِ سَتَجِدِيهَا فِي مَكَانِهَا. قَالَتْ: فَرَجَعْتُ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ كُشِفَ الحِجَابُ بَيْنِي وبَيْنَهَا وإِذَا أَنَا بِهَا وعَلَيْهَا مِنْ أَثَرِ النُّورِ مَا غَشِـيَ بَصَرِي وإِذَا أَنَا بِالصَّبِيِّ سَاجِداً عَلَى وَجْهِهِ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ رَافِعاً سَبَّابَتَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وهُوَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَنَّ جَدِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وأَنَّ أَبِي أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ ثُمَّ عَدَّ إِمَاماً إِمَاماً إِلَى أَنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي وَعْدِي وأَتْمِمْ لِي أَمْرِي وثَبِّتْ وَطْأَتِي وامْلا الأَرْضَ بِي عَدْلاً وقِسْطاً. فَصَاحَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ فَقَالَ: يَا عَمَّةُ! تَنَاوَلِيهِ فَهَاتِيهِ فَتَنَاوَلْتُهُ وأَتَيْتُ بِهِ نَحْوَهُ فَلَمَّا مَثَلْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيهِ وهُوَ عَلَى يَدَيَّ سَلَّمَ عَلَى أَبِيهِ فَتَنَاوَلَهُ الحَسَنُ والطَّيْرُ تُرَفْرِفُ عَلَى رَأْسِهِ فَصَاحَ بِطَيْرٍ مِنْهَا فَقَالَ: لَهُ احْمِلْهُ واحْفَظْهُ ورُدَّهُ إِلَيْنَا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْماً فَتَنَاوَلَهُ الطَّائِرُ وطَارَ بِهِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ وأَتْبَعَهُ سَائِرُ الطَّيْرِ فَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ: أَسْتَوْدِعُكَ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَى فَبَكَتْ نَرْجِسُ فَقَالَ لَهَا اسْكُتِي فَإِنَّ الرَّضَاعَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ إِلا مِنْ ثَدْيِكِ وسَيُعَادُ إِلَيْكِ كَمَا رُدَّ مُوسَى إِلَى أُمِّهِ( ) وذَلِكِ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها ولا تَحْزَنَ﴾ قَالَتْ: حَكِيمَةُ فَقُلْتُ مَا هَذَا الطَّائِرُ؟ قَالَ: هَذَا رُوحُ القُدُسِ المُوَكَّلُ بِالْأَئِمَّةِ يُوَفِّقُهُمْ ويُسَدِّدُهُمْ ويُرَبِّيهِمْ بِالْعِلْمِ. قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً رُدَّ الغُلَامُ ووَجَّهَ إِلَيَّ ابْنُ أَخِي. فَدَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا أَنَا بِصَبِيٍّ مُتَحَرِّكٌ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ: سَيِّدِي هَذَا ابْنُ سَنَتَيْنِ!! فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَوْلَادَ الأَنْبِيَاءِ والْأَوْصِيَاءِ إِذَا كَانُوا أَئِمَّةً يَنْشَئُونَ بِخِلَافِ مَا يَنْشَأُ غَيْرُهُمْ، وإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا إِذَا أَتَى عَلَيْهِ شَهْرٌ كَانَ كَمَنْ يَأْتِي عَلَيْهِ سَنَةٌ، وإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا لَيَتَكَلَّمُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ويَقْرَأُ القُرْآنَ ويَعْبُدُ رَبَّهُ عَزَّ وجَلَّ وعِنْدَ الرَّضَاعِ تُطِيعُهُ المَلَائِكَةُ وتَنْزِلُ عَلَيْهِ كُلَّ صَبَاحٍ ومَسَاءٍ..... الحديث»بحار الأنوار، ج 51/ ص 13 - 14، حديث رقم 14.
توضيح: من هذه الرواية يظهر أن الولد أُعطي لطائر وأن الطائر أخذه أربعين يوماً وأن هذا الأمر تم منذ ابتداء ولادته في حين أن الرواية السابقة قالت إن «حكيمة» ذهبت في اليوم السابع ورأت الطفل! فهذا تناقض واضح وصارخ بين الروايتين!
قوله إن أم موسى لم تظهر عليها آثار الحبل من الشواهد على كذب هذه الرواية، لأننا إذا رجعنا إلى «التوراة»، وإلى سفر الخروج (الآية 16 فما بعد) منها رأينا أن سبب بقاء «موسى» حياً كان خوف القابلة (المولدة) من الله، وفيما يلي نص ذلك: «15وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْـرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ 16وَقَالَ: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِـيِّ إِنْ كَانَ ابْناً فَاقْتُلاَهُ وَإِنْ كَانَ بِنْتاً فَتَحْيَا». 17وَلَكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْـرَ بَلِ اسْتَحْيَتَا الأَوْلاَدَ.».
ينبغي أن نعلم أنه طبقاً لما جاء في القرآن الكريم وكذلك في نص التوراة، وضعت أم موسى ابنها في صندوق ووضعته في نهر النيل فالتقطه آل فرعون وأتوا به منزل فرعون، ثم حرم الله عليه المراضع فجاءت أم موسى فأرضعته، وردَّه الله تعالى إليها بهذه الطريقة، وليس في واقع القصة أن أم موسى عهدت بوليدها إلى طائر، ولا ذكرٌ لطائر أصلاً في ذلك الموضوع.
والآن لنر ما جاء في بقية الرواية الثانية التي نقلها المجلسـيُّ في «بحار الأنوار» عن كتاب «الغيبة» للشيخ الطوسي:
تقول «حكيمة»: «بَعَثَ إِلَيَّ الإمام الحسن العسكري سَنَةَ 255هـ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وقَالَ: يَا عَمَّةُ! اجْعَلِي اللَّيْلَةَ إِفْطَارَكِ عِنْدِي فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ سَيَسُـرُّكِ بِوَلِيِّهِ وحُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي. قَالَتْ: حَكِيمَةُ فَتَدَاخَلَنِي لِذَلِكَ سُرُورٌ شَدِيدٌ وأَخَذْتُ ثِيَابِي عَلَيَّ وخَرَجْتُ مِنْ سَاعَتِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ وهُوَ جَالِسٌ فِي صَحْنِ دَارِهِ وجَوَارِيهِ حَوْلَهُ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي الخَلَفُ مِمَّنْ هُوَ قَالَ مِنْ سَوْسَنَ فَأَدَرْتُ طَرْفِي فِيهِنَّ فَلَمْ أَرَ جَارِيَةً عَلَيْهَا أَثَرٌ غَيْرَ «سَوْسَنَ»! قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْتُ المَغْرِبَ والْعِشَاءَ الآخِرَةَ أَتَيْتُ بِالْمَائِدَةِ فَأَفْطَرْتُ أَنَا وسَوْسَنُ وبَايَتُّهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَغَفَوْتُ غَفْوَةً ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ فَلَمْ أَزَلْ مُفَكِّرَةً فِيمَا وَعَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ أَمْرِ وَلِيِّ اللهِ فَقُمْتُ قَبْلَ الوَقْتِ الَّذِي كُنْتُ أَقُومُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِلصَّلَاةِ فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ اللَّيْلِ حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى الوَتْرِ فَوَثَبَتْ «سَوْسَنَ» فَزِعَةً وخَرَجَتْ وأَسْبَغَتِ الوُضُوءَ ثُمَّ عَادَتْ فَصَلَّتْ صَلَاةَ اللَّيْلِ وبَلَغَتْ إِلَى الوَتْرِ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّ الفَجْرَ قَدْ قَرُبَ فَقُمْتُ لِأَنْظُرَ فَإِذَا بِالْفَجْرِ الأَوَّلِ قَدْ طَلَعَ فَتَدَاخَلَ قَلْبِيَ الشَّكُّ مِنْ وَعْدِ أَبِي مُحَمَّدٍ فَنَادَانِي مِنْ حُجْرَتِهِ: لا تَشُكِّي وكَأَنَّكِ بِالْأَمْرِ السَّاعَةَ قَدْ رَأَيْتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ. قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ومِمَّا وَقَعَ فِي قَلْبِي ورَجَعْتُ إِلَى البَيْتِ وأَنَا خَجِلَةٌ فَإِذَا هِيَ قَدْ قَطَعَتِ الصَّلَاةَ وخَرَجَتْ فَزِعَةً فَلَقِيتُهَا عَلَى بَابِ البَيْتِ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتِ وأُمِّي هَلْ تَحِسِّينَ شَيْئاً. قَالَتْ: نَعَمْ يَا عَمَّةُ إِنِّي لَأَجِدُ أَمْراً شَدِيداً، قُلْتُ: لا خَوْفَ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللهُ وأَخَذْتُ وِسَادَةً فَأَلْقَيْتُهَا فِي وَسَطِ البَيْتِ وأَجْلَسْتُهَا عَلَيْهَا وجَلَسْتُ مِنْهَا حَيْثُ تَقْعُدُ المَرْأَةُ مِنَ المَرْأَةِ لِلْوِلَادَةِ فَقَبَضَتْ عَلَى كَفِّي وغَمَزَتْ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ أَنَّتْ أَنَّةً وتَشَهَّدَتْ ونَظَرْتُ تَحْتَهَا فَإِذَا أَنَا بِوَلِيِّ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ مُتَلَقِّياً الأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَأَخَذْتُ بِكَتِفَيْهِ فَأَجْلَسْتُهُ فِي حَجْرِي وإِذَا هُوَ نَظِيفٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ فَنَادَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ: يَا عَمَّةُ هَلُمِّي فَأْتِينِي بِابْنِي فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَتَنَاوَلَهُ وأَخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَفَتَحَهَا ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَحَنَّكَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي أُذُنَيْهِ وأَجْلَسَهُ فِي رَاحَتِهِ اليُسْرَى فَاسْتَوَى وَلِيُّ اللهِ جَالِساً فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ انْطِقْ بِقُدْرَةِ اللهِ فَاسْتَعَاذَ وَلِيُّ اللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ واسْتَفْتَحَ: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَـهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ (القصص/5-6). وصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللهِ وعَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ والْأَئِمَّةِ وَاحِداً وَاحِداً حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِيهِ فَنَاوَلَنِيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ وقَالَ: يَا عَمَّةُ! رُدِّيهِ إِلَى أُمِّهِ حَتَّى تَقَرَّ عَيْنُها ولا تَحْزَنَ ولِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فَرَدَدْتُهُ إِلَى أُمِّهِ وقَدِ انْفَجَرَ الفَجْرُ الثَّانِي فَصَلَّيْتُ الفَرِيضَةَ وعَقَّبْتُ إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ وَدَّعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ وانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ اشْتَقْتُ إِلَى وَلِيِّ اللهِ فَصِرْتُ إِلَيْهِمْ فَبَدَأْتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي كَانَتْ «سَوْسَنَ» فِيهَا فَلَمْ أَرَ أَثَراً ولا سَمِعْتُ ذِكْراً فَكَرِهْتُ أَنْ أَسْأَلَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَبْدَأَهُ بِالسُّؤَالِ فَبَدَأَنِي فَقَالَ: يَا عَمَّةُ! فِي كَنَفِ اللهِ وحِرْزِهِ وسَتْرِهِ وعَيْنِهِ حَتَّى يَأْذَنَ اللهُ لَهُ... الحديث»بحار الأنوار، ج 51/ ص 17 - 18، حديث رقم 25.
توضيح: في هذه الرواية أم الأمام هي «سَوْسَنَ» وكان عليها أثر الحمل، أما في الروايات الأخرى فأم الإمام «نرجس» ولم يكن عليها أثر الحمل! فهذا تناقض واضح أول. وأما التناقض الواضح الثاني بين هذه الرواية والرواية السابقة فهو أن هذه الرواية تذكر أن الإمام غاب منذ اليوم الثالث أما الرواية السابقة فتذكر أن الإمام أُعطِيَ إلى طائر منذ أول يوم لولادته فغاب معه أربعين يوماً، وفي الرواية الأخرى ذُكر أن «حكيمة» ورأت الطفل في اليوم السابع لولادته!
أما الرواية الأخرى التي رواها المجلسـيُّ في «بحار الأنوار» نقلاً عن كتاب «الغيبة» للشيخ الطوسي عن «محمد بن إبراهيم» أن السيدة «حكيمة» قالت: «بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وخَمْسِينَ ومِائَتَيْنِ قَالَتْ وقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ مَنْ أُمُّهُ قَالَ نَرْجِسُ قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ اشْتَدَّ شَوْقِي إِلَى وَلِيِّ اللهِ فَأَتَيْتُهُمْ عَائِدَةً فَبَدَأْتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي فِيهَا الجَارِيَةُ فَإِذَا أَنَا بِهَا جَالِسَةً فِي مَجْلِسِ المَرْأَةِ النُّفَسَاءِ وعَلَيْهَا أَثْوَابٌ صُفْرٌ وهِيَ مُعَصَّبَةُ الرَّأْسِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا والْتَفَتُّ إِلَى جَانِبِ البَيْتِ وإِذَا بِمَهْدٍ عَلَيْهِ أَثْوَابٌ خُضْرٌ فَعَدَلْتُ إِلَى المَهْدِ ورَفَعْتُ عَنْهُ الأَثْوَابَ فَإِذَا أَنَا بِوَلِيِّ اللهِ نَائِمٌ عَلَى قَفَاهُ غَيْرَ مَحْزُومٍ ولا مَقْمُوطٍ فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وجَعَلَ يَضْحَكُ ويُنَاجِينِي بِإِصْبَعِهِ فَتَنَاوَلْتُهُ وأَدْنَيْتُهُ إِلَى فَمِي لِأُقَبِّلَهُ فَشَمَمْتُ مِنْهُ رَائِحَةً مَا شَمَمْتُ قَطُّ أَطْيَبَ مِنْهَا ونَادَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَا عَمَّتِي هَلُمِّي فَتَايَ إِلَيَّ فَتَنَاوَلَهُ وقَالَ يَا بُنَيَّ انْطِقْ.... الحديث»بحار الأنوار ج 51/ ص 19، حديث رقم 26.
توضيح: كما رأينا جاء في هذه الرواية أن «حكيمة» ذهبت في اليوم الثالث لرؤية الطفل حديث الولادة وأنها دخلت غرفة «نرجس» ووجدت الطفل في المهد، في حين أن الرواية السابقة ذكرت أن «حكيمة» ذهبت إلى غرفة نرجس في اليوم الثالث لولادتها فلم تر الطفل فلمّا استفسرتُ من الإمام العسكري قال لها: «يَا عَمَّةُ! فِي كَنَفِ اللهِ وحِرْزِهِ وسَتْرِهِ وعَيْنِهِ حَتَّى يَأْذَنَ اللهُ لَهُ». فهذا تناقض واضح.
توضيح: يظهر من هذه الرواية أن «حكيمة» لم تر ما حلَّ بالطفل الوليد، إلى أن جاءت الإمام العسكري بالوليد في اليوم السابع لولادته. فلنقارن هذا بما ذكرته بقية الرواية الرابعة التي أوردناها في الفقرة الماضية:
«فَقَالَ: يَا عَمَّتَاهُ! بِيتِيَ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا فَإِنَّهُ سَيُولَدُ اللَّيْلَةَ المَوْلُودُ الكَرِيمُ عَلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ الَّذِي يُحْيِي اللهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قُلْتُ مِمَّنْ يَا سَيِّدِي ولَسْتُ أَرَى بِنَرْجِسَ شَيْئاً مِنْ أَثَرِ الحَمْلِ. فَقَالَ: مِنْ نَرْجِسَ لا مِنْ غَيْرِهَا. قَالَتْ: فَوَثَبْتُ إِلَى نَرْجِسَ فَقَلَبْتُهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أَرَ بِهَا أَثَراً مِنْ حَبَلٍ فَعُدْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا فَعَلْتُ، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي: إِذَا كَانَ وَقْتُ الفَجْرِ يَظْهَرُ لَكِ بِهَا الحَبَلُ لِأَنَّ مَثَلَهَا مَثَلُ أُمِّ مُوسَى لَمْ يَظْهَرْ بِهَا الحَبَلُ ولَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَحَدٌ( ) إِلَى وَقْتِ وِلَادَتِهَا لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَشُقُّ بُطُونَ الحَبَالَى فِي طَلَبِ مُوسَى وهَذَا نَظِيرُ مُوسَى قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمْ أَزَلْ أَرْقُبُهَا إِلَى وَقْتِ طُلُوعِ الفَجْرِ وهِيَ نَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيَّ لا تَقْلِبُ جَنْباً إِلَى جَنْبٍ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَقْتَ طُلُوعِ الفَجْرِ وَثَبَتْ فَزِعَةً فَضَمَمْتُهَا إِلَى صَدْرِي وسَمَّيْتُ عَلَيْهَا فَصَاحَ أَبُو مُحَمَّدٍ وقَالَ: اقْرَئِي عَلَيْهَا إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ. فَأَقْبَلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهَا وقُلْتُ لَهَا: مَا حَالُكِ؟ قَالَتْ: ظَهَرَ الأَمْرُ الَّذِي أَخْبَرَكِ بِهِ مَوْلَايَ. فَأَقْبَلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهَا كَمَا أَمَرَنِي فَأَجَابَنِي الجَنِينُ مِنْ بَطْنِهَا يَقْرَأُ كَمَا أَقْرَأُ وسَلَّمَ عَلَيَّ. قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَفَزِعْتُ لِمَا سَمِعْتُ فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لا تَعْجَبِي مِنْ أَمْرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى يُنْطِقُنَا بِالْحِكْمَةِ صِغَاراً ويَجْعَلُنَا حُجَّةً فِي أَرْضِهِ كِبَاراً فَلَمْ يَسْتَتِمَّ الكَلَامَ حَتَّى غِيبَتْ عَنِّي نَرْجِسُ فَلَمْ أَرَهَا كَأَنَّهُ ضُرِبَ بَيْنِي وبَيْنَهَا حِجَابٌ فَعَدَوْتُ نَحْوَ أَبِي مُحَمَّدٍ وأَنَا صَارِخَةٌ فَقَالَ لِي: ارْجِعِي يَا عَمَّةُ فَإِنَّكِ سَتَجِدِيهَا فِي مَكَانِهَا. قَالَتْ: فَرَجَعْتُ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ كُشِفَ الحِجَابُ بَيْنِي وبَيْنَهَا وإِذَا أَنَا بِهَا وعَلَيْهَا مِنْ أَثَرِ النُّورِ مَا غَشِـيَ بَصَرِي وإِذَا أَنَا بِالصَّبِيِّ سَاجِداً عَلَى وَجْهِهِ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ رَافِعاً سَبَّابَتَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وهُوَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَنَّ جَدِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وأَنَّ أَبِي أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ ثُمَّ عَدَّ إِمَاماً إِمَاماً إِلَى أَنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي وَعْدِي وأَتْمِمْ لِي أَمْرِي وثَبِّتْ وَطْأَتِي وامْلا الأَرْضَ بِي عَدْلاً وقِسْطاً. فَصَاحَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ فَقَالَ: يَا عَمَّةُ! تَنَاوَلِيهِ فَهَاتِيهِ فَتَنَاوَلْتُهُ وأَتَيْتُ بِهِ نَحْوَهُ فَلَمَّا مَثَلْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيهِ وهُوَ عَلَى يَدَيَّ سَلَّمَ عَلَى أَبِيهِ فَتَنَاوَلَهُ الحَسَنُ والطَّيْرُ تُرَفْرِفُ عَلَى رَأْسِهِ فَصَاحَ بِطَيْرٍ مِنْهَا فَقَالَ: لَهُ احْمِلْهُ واحْفَظْهُ ورُدَّهُ إِلَيْنَا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْماً فَتَنَاوَلَهُ الطَّائِرُ وطَارَ بِهِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ وأَتْبَعَهُ سَائِرُ الطَّيْرِ فَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ: أَسْتَوْدِعُكَ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَى فَبَكَتْ نَرْجِسُ فَقَالَ لَهَا اسْكُتِي فَإِنَّ الرَّضَاعَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ إِلا مِنْ ثَدْيِكِ وسَيُعَادُ إِلَيْكِ كَمَا رُدَّ مُوسَى إِلَى أُمِّهِ( ) وذَلِكِ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها ولا تَحْزَنَ﴾ قَالَتْ: حَكِيمَةُ فَقُلْتُ مَا هَذَا الطَّائِرُ؟ قَالَ: هَذَا رُوحُ القُدُسِ المُوَكَّلُ بِالْأَئِمَّةِ يُوَفِّقُهُمْ ويُسَدِّدُهُمْ ويُرَبِّيهِمْ بِالْعِلْمِ. قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً رُدَّ الغُلَامُ ووَجَّهَ إِلَيَّ ابْنُ أَخِي. فَدَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا أَنَا بِصَبِيٍّ مُتَحَرِّكٌ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ: سَيِّدِي هَذَا ابْنُ سَنَتَيْنِ!! فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَوْلَادَ الأَنْبِيَاءِ والْأَوْصِيَاءِ إِذَا كَانُوا أَئِمَّةً يَنْشَئُونَ بِخِلَافِ مَا يَنْشَأُ غَيْرُهُمْ، وإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا إِذَا أَتَى عَلَيْهِ شَهْرٌ كَانَ كَمَنْ يَأْتِي عَلَيْهِ سَنَةٌ، وإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا لَيَتَكَلَّمُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ويَقْرَأُ القُرْآنَ ويَعْبُدُ رَبَّهُ عَزَّ وجَلَّ وعِنْدَ الرَّضَاعِ تُطِيعُهُ المَلَائِكَةُ وتَنْزِلُ عَلَيْهِ كُلَّ صَبَاحٍ ومَسَاءٍ..... الحديث»بحار الأنوار، ج 51/ ص 13 - 14، حديث رقم 14.
توضيح: من هذه الرواية يظهر أن الولد أُعطي لطائر وأن الطائر أخذه أربعين يوماً وأن هذا الأمر تم منذ ابتداء ولادته في حين أن الرواية السابقة قالت إن «حكيمة» ذهبت في اليوم السابع ورأت الطفل! فهذا تناقض واضح وصارخ بين الروايتين!
قوله إن أم موسى لم تظهر عليها آثار الحبل من الشواهد على كذب هذه الرواية، لأننا إذا رجعنا إلى «التوراة»، وإلى سفر الخروج (الآية 16 فما بعد) منها رأينا أن سبب بقاء «موسى» حياً كان خوف القابلة (المولدة) من الله، وفيما يلي نص ذلك: «15وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْـرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ 16وَقَالَ: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِـيِّ إِنْ كَانَ ابْناً فَاقْتُلاَهُ وَإِنْ كَانَ بِنْتاً فَتَحْيَا». 17وَلَكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْـرَ بَلِ اسْتَحْيَتَا الأَوْلاَدَ.».
ينبغي أن نعلم أنه طبقاً لما جاء في القرآن الكريم وكذلك في نص التوراة، وضعت أم موسى ابنها في صندوق ووضعته في نهر النيل فالتقطه آل فرعون وأتوا به منزل فرعون، ثم حرم الله عليه المراضع فجاءت أم موسى فأرضعته، وردَّه الله تعالى إليها بهذه الطريقة، وليس في واقع القصة أن أم موسى عهدت بوليدها إلى طائر، ولا ذكرٌ لطائر أصلاً في ذلك الموضوع.
والآن لنر ما جاء في بقية الرواية الثانية التي نقلها المجلسـيُّ في «بحار الأنوار» عن كتاب «الغيبة» للشيخ الطوسي:
تقول «حكيمة»: «بَعَثَ إِلَيَّ الإمام الحسن العسكري سَنَةَ 255هـ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وقَالَ: يَا عَمَّةُ! اجْعَلِي اللَّيْلَةَ إِفْطَارَكِ عِنْدِي فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ سَيَسُـرُّكِ بِوَلِيِّهِ وحُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي. قَالَتْ: حَكِيمَةُ فَتَدَاخَلَنِي لِذَلِكَ سُرُورٌ شَدِيدٌ وأَخَذْتُ ثِيَابِي عَلَيَّ وخَرَجْتُ مِنْ سَاعَتِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ وهُوَ جَالِسٌ فِي صَحْنِ دَارِهِ وجَوَارِيهِ حَوْلَهُ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي الخَلَفُ مِمَّنْ هُوَ قَالَ مِنْ سَوْسَنَ فَأَدَرْتُ طَرْفِي فِيهِنَّ فَلَمْ أَرَ جَارِيَةً عَلَيْهَا أَثَرٌ غَيْرَ «سَوْسَنَ»! قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْتُ المَغْرِبَ والْعِشَاءَ الآخِرَةَ أَتَيْتُ بِالْمَائِدَةِ فَأَفْطَرْتُ أَنَا وسَوْسَنُ وبَايَتُّهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَغَفَوْتُ غَفْوَةً ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ فَلَمْ أَزَلْ مُفَكِّرَةً فِيمَا وَعَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ أَمْرِ وَلِيِّ اللهِ فَقُمْتُ قَبْلَ الوَقْتِ الَّذِي كُنْتُ أَقُومُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِلصَّلَاةِ فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ اللَّيْلِ حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى الوَتْرِ فَوَثَبَتْ «سَوْسَنَ» فَزِعَةً وخَرَجَتْ وأَسْبَغَتِ الوُضُوءَ ثُمَّ عَادَتْ فَصَلَّتْ صَلَاةَ اللَّيْلِ وبَلَغَتْ إِلَى الوَتْرِ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّ الفَجْرَ قَدْ قَرُبَ فَقُمْتُ لِأَنْظُرَ فَإِذَا بِالْفَجْرِ الأَوَّلِ قَدْ طَلَعَ فَتَدَاخَلَ قَلْبِيَ الشَّكُّ مِنْ وَعْدِ أَبِي مُحَمَّدٍ فَنَادَانِي مِنْ حُجْرَتِهِ: لا تَشُكِّي وكَأَنَّكِ بِالْأَمْرِ السَّاعَةَ قَدْ رَأَيْتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ. قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ومِمَّا وَقَعَ فِي قَلْبِي ورَجَعْتُ إِلَى البَيْتِ وأَنَا خَجِلَةٌ فَإِذَا هِيَ قَدْ قَطَعَتِ الصَّلَاةَ وخَرَجَتْ فَزِعَةً فَلَقِيتُهَا عَلَى بَابِ البَيْتِ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتِ وأُمِّي هَلْ تَحِسِّينَ شَيْئاً. قَالَتْ: نَعَمْ يَا عَمَّةُ إِنِّي لَأَجِدُ أَمْراً شَدِيداً، قُلْتُ: لا خَوْفَ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللهُ وأَخَذْتُ وِسَادَةً فَأَلْقَيْتُهَا فِي وَسَطِ البَيْتِ وأَجْلَسْتُهَا عَلَيْهَا وجَلَسْتُ مِنْهَا حَيْثُ تَقْعُدُ المَرْأَةُ مِنَ المَرْأَةِ لِلْوِلَادَةِ فَقَبَضَتْ عَلَى كَفِّي وغَمَزَتْ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ أَنَّتْ أَنَّةً وتَشَهَّدَتْ ونَظَرْتُ تَحْتَهَا فَإِذَا أَنَا بِوَلِيِّ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ مُتَلَقِّياً الأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَأَخَذْتُ بِكَتِفَيْهِ فَأَجْلَسْتُهُ فِي حَجْرِي وإِذَا هُوَ نَظِيفٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ فَنَادَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ: يَا عَمَّةُ هَلُمِّي فَأْتِينِي بِابْنِي فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَتَنَاوَلَهُ وأَخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَفَتَحَهَا ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَحَنَّكَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي أُذُنَيْهِ وأَجْلَسَهُ فِي رَاحَتِهِ اليُسْرَى فَاسْتَوَى وَلِيُّ اللهِ جَالِساً فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ انْطِقْ بِقُدْرَةِ اللهِ فَاسْتَعَاذَ وَلِيُّ اللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ واسْتَفْتَحَ: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَـهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ (القصص/5-6). وصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللهِ وعَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ والْأَئِمَّةِ وَاحِداً وَاحِداً حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِيهِ فَنَاوَلَنِيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ وقَالَ: يَا عَمَّةُ! رُدِّيهِ إِلَى أُمِّهِ حَتَّى تَقَرَّ عَيْنُها ولا تَحْزَنَ ولِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فَرَدَدْتُهُ إِلَى أُمِّهِ وقَدِ انْفَجَرَ الفَجْرُ الثَّانِي فَصَلَّيْتُ الفَرِيضَةَ وعَقَّبْتُ إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ وَدَّعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ وانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ اشْتَقْتُ إِلَى وَلِيِّ اللهِ فَصِرْتُ إِلَيْهِمْ فَبَدَأْتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي كَانَتْ «سَوْسَنَ» فِيهَا فَلَمْ أَرَ أَثَراً ولا سَمِعْتُ ذِكْراً فَكَرِهْتُ أَنْ أَسْأَلَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَبْدَأَهُ بِالسُّؤَالِ فَبَدَأَنِي فَقَالَ: يَا عَمَّةُ! فِي كَنَفِ اللهِ وحِرْزِهِ وسَتْرِهِ وعَيْنِهِ حَتَّى يَأْذَنَ اللهُ لَهُ... الحديث»بحار الأنوار، ج 51/ ص 17 - 18، حديث رقم 25.
توضيح: في هذه الرواية أم الأمام هي «سَوْسَنَ» وكان عليها أثر الحمل، أما في الروايات الأخرى فأم الإمام «نرجس» ولم يكن عليها أثر الحمل! فهذا تناقض واضح أول. وأما التناقض الواضح الثاني بين هذه الرواية والرواية السابقة فهو أن هذه الرواية تذكر أن الإمام غاب منذ اليوم الثالث أما الرواية السابقة فتذكر أن الإمام أُعطِيَ إلى طائر منذ أول يوم لولادته فغاب معه أربعين يوماً، وفي الرواية الأخرى ذُكر أن «حكيمة» ورأت الطفل في اليوم السابع لولادته!
أما الرواية الأخرى التي رواها المجلسـيُّ في «بحار الأنوار» نقلاً عن كتاب «الغيبة» للشيخ الطوسي عن «محمد بن إبراهيم» أن السيدة «حكيمة» قالت: «بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وخَمْسِينَ ومِائَتَيْنِ قَالَتْ وقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ مَنْ أُمُّهُ قَالَ نَرْجِسُ قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ اشْتَدَّ شَوْقِي إِلَى وَلِيِّ اللهِ فَأَتَيْتُهُمْ عَائِدَةً فَبَدَأْتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي فِيهَا الجَارِيَةُ فَإِذَا أَنَا بِهَا جَالِسَةً فِي مَجْلِسِ المَرْأَةِ النُّفَسَاءِ وعَلَيْهَا أَثْوَابٌ صُفْرٌ وهِيَ مُعَصَّبَةُ الرَّأْسِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا والْتَفَتُّ إِلَى جَانِبِ البَيْتِ وإِذَا بِمَهْدٍ عَلَيْهِ أَثْوَابٌ خُضْرٌ فَعَدَلْتُ إِلَى المَهْدِ ورَفَعْتُ عَنْهُ الأَثْوَابَ فَإِذَا أَنَا بِوَلِيِّ اللهِ نَائِمٌ عَلَى قَفَاهُ غَيْرَ مَحْزُومٍ ولا مَقْمُوطٍ فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وجَعَلَ يَضْحَكُ ويُنَاجِينِي بِإِصْبَعِهِ فَتَنَاوَلْتُهُ وأَدْنَيْتُهُ إِلَى فَمِي لِأُقَبِّلَهُ فَشَمَمْتُ مِنْهُ رَائِحَةً مَا شَمَمْتُ قَطُّ أَطْيَبَ مِنْهَا ونَادَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَا عَمَّتِي هَلُمِّي فَتَايَ إِلَيَّ فَتَنَاوَلَهُ وقَالَ يَا بُنَيَّ انْطِقْ.... الحديث»بحار الأنوار ج 51/ ص 19، حديث رقم 26.
توضيح: كما رأينا جاء في هذه الرواية أن «حكيمة» ذهبت في اليوم الثالث لرؤية الطفل حديث الولادة وأنها دخلت غرفة «نرجس» ووجدت الطفل في المهد، في حين أن الرواية السابقة ذكرت أن «حكيمة» ذهبت إلى غرفة نرجس في اليوم الثالث لولادتها فلم تر الطفل فلمّا استفسرتُ من الإمام العسكري قال لها: «يَا عَمَّةُ! فِي كَنَفِ اللهِ وحِرْزِهِ وسَتْرِهِ وعَيْنِهِ حَتَّى يَأْذَنَ اللهُ لَهُ». فهذا تناقض واضح.
زهر الياسمين- عدد المساهمات : 44
تاريخ التسجيل : 25/06/2012
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى