توحيد الربوبية
صفحة 1 من اصل 1
توحيد الربوبية
الإقرار بأنَّ الله تعالى رب كـلّ شيء ومليكُه وخالقُه ورازقُه، وأَنه المحيي المميتُ النـافعُ الضـار، المتفـرِّدُ بالإجابة عند الاضطرار، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، وإليه يُرجـع الأمرُ كله، لا شريك له في ذلك.
تعريفه:
أ- لغة : الربوبية مصدر من الفعل ربب، ومنه الربُّ، فالربوبية صفـة الله، وهي مأخوذة من اسم الرب، والرب في كلام العرب يطلق على معان: منها المالك، والسيد المطاع، والـمُصْلِح.
ب- أما في الاصطلاح : فإن توحيد الربوبية هو إفراد الله بأفعاله.
ومنها الخلق والرزق والسيادة والإنعام والملك والتصوير، والعطاء والمنع، والنفع والضر، والإحياء والإماتة، والتدبير المحكـم، والقضاء والقدر، وغـير ذلك من أفعاله التي لا شريك له فيها، ولهذا فإن الواجب على العبد أن يؤمن بذلك كله.
أدلة الربوبية:
كقوله تعالى: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة: 2]، وكقوله سبحانه: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف: 54]، وكقوله جل وعلا: قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ [المؤمنون: 88]
فالرب هو المالك كما قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ [الحشر: 23] ويقول: وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [المائدة: 17]، وقال: فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس: 83].
والرب هو الخالق البارئ المصور كما قال عن نفسه: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ [الحشر: 24]، فلا خالق سواه، وهو الذي برأ الخلق فأوجدهم بقدرته المصور خلقه كيف شاء وكيف يشاء .
والرب هو المبدئ والمعيد كما قال: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ [الروم: 27]، فهو الذي ابتدأ الأشياء كلها فأوجدها، إذ هو الأول الذي ليس قبله شيء، ثم هو يعيدها سبحانه.
والرب هو المحيي والمميت، الذي أحيا بأن خلق فيهم الحياة، والذي خلق الموت كما خلق الحياة. كما قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك: 2] ويقول: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ [الدخان: 8].
والرب هو النافع الضار، قال تعالى: وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا [يونس: 21] وقال: قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا [الفتح: 11].
والرب هو المعطي المانع كما قال تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ [فاطر: 2]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه بعد الفراغ من الصلاة: ((اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت)) .
والرب هو المدبر لأمر هذا الكون كما قال: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ [يونس: 36]. وقال: وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ [يونس: 31]، وقال يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ [الرعد: 2].
والرب هو الخالق الرازق القوي القدير كما قال تعالى: قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد: 16]، وقال هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ [فاطر: 9] وقال: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات: 58]، وقال: إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 20]
- كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا قال يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ : احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، ( رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ )
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2516
خلاصة حكم المحدث: صحيح
- دلالة العقل :
دل العقل على وجود الله تعالى وانفراده بالربوبيـة وكمال قدرته على الخلق وسيطرته عليهم، وذلك عن طريق النظر والتفكر في آيات الله الدالة عليه. وللنظر في آيات الله والاستدلال بها على ربوبيته طـرق كثيرة بحسب تنوع الآيات وأشهرها طريقان:
الطريق الأول : النظر في آيات الله في خلق النفس البشرية قـال تعـالى: وفي أنفسكم أفلا تبصرون الذاريات21
لو أن الإنسان أمعن النظر في نفسه وما فيها من عجـائب صنـع الله لأرشده ذلك إلى أن له ربا خالقا حكيما خبيرا؛ إذ لا يستطيع الإنسـان أن يخلق النطفة التي كان منها ؟ أو أن يحولها إلى علقـة، أو يحـول العلقـة إلى مضغة، أو يحول المضغة عظاما، أو يكسو العظام لحما ؟
الطريق الثاني : النظر في آيات الله في خلق الكون قال تعالي سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ( 53 )فصلت ) من تأمل الآفاق وما في هذا الكون من سماء وأرض، وما اشتملت عليه السماء من نجوم وكواكب وشمس وقمر، وما اشتملت عليـه الأرض مـن جبال وأشجار وبحار وأنهار، وما يكتنف ذلك من ليل ونهار وتسيير هـذا الكون كله بهذا النظام الدقيق؛ دله ذلك على أن هناك خالقا لهذا الكـون، موجدًا له مدبِّرًا لشؤونه.
عدم الايمان بتوحيد الربوبية:
لا يصح إيمان أحد ولا يتحقق توحيده إلا إذا وحد الله في ربوبيته، لكن هذا النوع من التوحيد ليس هو الغاية من بعثة الرسل عليهم السلام، ولا ينجـي وحده من عذاب الله ما لم يأت العبد بلازمه توحيد الألوهية.ولذا يقول الله تعالى: [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] (يوسف:106).أي: ما يقر أكثرهم بالله ربا وخالقا ورازقا ومدبـرا- وكل ذلك من توحيد الربوبية - إلا وهم مشركون معه في عبادته غيره مـن الأوثان والأصنام التي لا تضر ولا تنفع، ولا تعطي ولا تمنع.
فلم يكن المشركون يعتقدون أن الأصنام هي التي تنزل الغيث وترزق العالم وتدبر شؤونه، بل كانوا يعتقدون أن ذلك مـن خصـائص الـرب سبحانه، ويقرون أن أوثانهم التي يدعون من دون الله مخلوقة لا تملك لأنفسها ولا لعابديها ضرا ولا نفعا استقلالا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا تسمع ولا تبصر، ويقرون أن الله هو المتفرد بذلك لا شريك له، ليس إليهم ولا إلى أوثانهم شيء من ذلك، وأنه سبحانه الخالق وما عداه مخلوق والرب ومـا عداه مربوب، غير أنهم جعلوا له من خلقه شركاء ووسائط، يشفعون لهـم بزعمهم عند الله ويقربونهم إليه زلفى؛ ولذا قال الله تعالى: قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ-سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ-قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ-سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ-قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ -سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (المؤمنون: 84- 89).
والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى الزمر3 أي ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم ورزقهم وما ينوبهم من أمر الدنيا.ومع هذا الإقرار العام من المشركين لله بالربوبية إلا أنه لم يدخلـهم في الإسلام بل حكم الله فيهم بأنهم مشركون كافرون وتوعدهم بالنار والخلـود لكونهم لم يحققـوا لازم توحيـد الربوبية وهو توحيد الله في العبادة.
وبهذا يتبين أن الإقرار بتوحيد الربوبية وحده دون الإتيان بلازمه توحيد الألوهية لا يكفي ولا ينجي من عذاب الله، بل هو حجة بالغة على الإنسان تقتضي إخلاص الدين لله وحده لا شريك له، وتستلزم إفـراد الله وحـده بالعبادة. فإذا لم يأت بذلك فهو كافر
الانحراف في توحيد الربوبية
1 - جحد ربوبية الله أصلًا وإنكار وجوده سبحانه، كما يعتقد ذلـك الملاحدة الذين يسندون إيجاد هذه المخلوقات إلى الطبيعة، أو إلى تقلب الليل والنهار، أو نحو ذلك
2- جحد بعض خصائص الرب سبحانه وإنكار بعض معاني ربوبيتـه، كمن ينفي قدرة الله على إماتته أو إحيائه بعد موته، أو جلب النفع لـه أو دفع الضر عنه، أو نحو ذلك.
3- إعطاء شيء من خصائص الربوبية لغير الله سبحانه، فمن اعتقـد وجود متصرف مع الله في أي شيء من تدبير الكون من إيجـاد أو إعدام أو إحياء أو إماتة أو جلب خير أو دفـع شر أو غير ذلك مـن معاني الربوبية فهو مشرك بالله العظيم.
تعريفه:
أ- لغة : الربوبية مصدر من الفعل ربب، ومنه الربُّ، فالربوبية صفـة الله، وهي مأخوذة من اسم الرب، والرب في كلام العرب يطلق على معان: منها المالك، والسيد المطاع، والـمُصْلِح.
ب- أما في الاصطلاح : فإن توحيد الربوبية هو إفراد الله بأفعاله.
ومنها الخلق والرزق والسيادة والإنعام والملك والتصوير، والعطاء والمنع، والنفع والضر، والإحياء والإماتة، والتدبير المحكـم، والقضاء والقدر، وغـير ذلك من أفعاله التي لا شريك له فيها، ولهذا فإن الواجب على العبد أن يؤمن بذلك كله.
أدلة الربوبية:
كقوله تعالى: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة: 2]، وكقوله سبحانه: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف: 54]، وكقوله جل وعلا: قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ [المؤمنون: 88]
فالرب هو المالك كما قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ [الحشر: 23] ويقول: وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [المائدة: 17]، وقال: فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس: 83].
والرب هو الخالق البارئ المصور كما قال عن نفسه: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ [الحشر: 24]، فلا خالق سواه، وهو الذي برأ الخلق فأوجدهم بقدرته المصور خلقه كيف شاء وكيف يشاء .
والرب هو المبدئ والمعيد كما قال: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ [الروم: 27]، فهو الذي ابتدأ الأشياء كلها فأوجدها، إذ هو الأول الذي ليس قبله شيء، ثم هو يعيدها سبحانه.
والرب هو المحيي والمميت، الذي أحيا بأن خلق فيهم الحياة، والذي خلق الموت كما خلق الحياة. كما قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك: 2] ويقول: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ [الدخان: 8].
والرب هو النافع الضار، قال تعالى: وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا [يونس: 21] وقال: قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا [الفتح: 11].
والرب هو المعطي المانع كما قال تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ [فاطر: 2]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه بعد الفراغ من الصلاة: ((اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت)) .
والرب هو المدبر لأمر هذا الكون كما قال: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ [يونس: 36]. وقال: وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ [يونس: 31]، وقال يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ [الرعد: 2].
والرب هو الخالق الرازق القوي القدير كما قال تعالى: قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد: 16]، وقال هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ [فاطر: 9] وقال: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات: 58]، وقال: إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 20]
- كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا قال يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ : احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، ( رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ )
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2516
خلاصة حكم المحدث: صحيح
- دلالة العقل :
دل العقل على وجود الله تعالى وانفراده بالربوبيـة وكمال قدرته على الخلق وسيطرته عليهم، وذلك عن طريق النظر والتفكر في آيات الله الدالة عليه. وللنظر في آيات الله والاستدلال بها على ربوبيته طـرق كثيرة بحسب تنوع الآيات وأشهرها طريقان:
الطريق الأول : النظر في آيات الله في خلق النفس البشرية قـال تعـالى: وفي أنفسكم أفلا تبصرون الذاريات21
لو أن الإنسان أمعن النظر في نفسه وما فيها من عجـائب صنـع الله لأرشده ذلك إلى أن له ربا خالقا حكيما خبيرا؛ إذ لا يستطيع الإنسـان أن يخلق النطفة التي كان منها ؟ أو أن يحولها إلى علقـة، أو يحـول العلقـة إلى مضغة، أو يحول المضغة عظاما، أو يكسو العظام لحما ؟
الطريق الثاني : النظر في آيات الله في خلق الكون قال تعالي سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ( 53 )فصلت ) من تأمل الآفاق وما في هذا الكون من سماء وأرض، وما اشتملت عليه السماء من نجوم وكواكب وشمس وقمر، وما اشتملت عليـه الأرض مـن جبال وأشجار وبحار وأنهار، وما يكتنف ذلك من ليل ونهار وتسيير هـذا الكون كله بهذا النظام الدقيق؛ دله ذلك على أن هناك خالقا لهذا الكـون، موجدًا له مدبِّرًا لشؤونه.
عدم الايمان بتوحيد الربوبية:
لا يصح إيمان أحد ولا يتحقق توحيده إلا إذا وحد الله في ربوبيته، لكن هذا النوع من التوحيد ليس هو الغاية من بعثة الرسل عليهم السلام، ولا ينجـي وحده من عذاب الله ما لم يأت العبد بلازمه توحيد الألوهية.ولذا يقول الله تعالى: [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] (يوسف:106).أي: ما يقر أكثرهم بالله ربا وخالقا ورازقا ومدبـرا- وكل ذلك من توحيد الربوبية - إلا وهم مشركون معه في عبادته غيره مـن الأوثان والأصنام التي لا تضر ولا تنفع، ولا تعطي ولا تمنع.
فلم يكن المشركون يعتقدون أن الأصنام هي التي تنزل الغيث وترزق العالم وتدبر شؤونه، بل كانوا يعتقدون أن ذلك مـن خصـائص الـرب سبحانه، ويقرون أن أوثانهم التي يدعون من دون الله مخلوقة لا تملك لأنفسها ولا لعابديها ضرا ولا نفعا استقلالا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا تسمع ولا تبصر، ويقرون أن الله هو المتفرد بذلك لا شريك له، ليس إليهم ولا إلى أوثانهم شيء من ذلك، وأنه سبحانه الخالق وما عداه مخلوق والرب ومـا عداه مربوب، غير أنهم جعلوا له من خلقه شركاء ووسائط، يشفعون لهـم بزعمهم عند الله ويقربونهم إليه زلفى؛ ولذا قال الله تعالى: قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ-سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ-قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ-سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ-قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ -سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (المؤمنون: 84- 89).
والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى الزمر3 أي ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم ورزقهم وما ينوبهم من أمر الدنيا.ومع هذا الإقرار العام من المشركين لله بالربوبية إلا أنه لم يدخلـهم في الإسلام بل حكم الله فيهم بأنهم مشركون كافرون وتوعدهم بالنار والخلـود لكونهم لم يحققـوا لازم توحيـد الربوبية وهو توحيد الله في العبادة.
وبهذا يتبين أن الإقرار بتوحيد الربوبية وحده دون الإتيان بلازمه توحيد الألوهية لا يكفي ولا ينجي من عذاب الله، بل هو حجة بالغة على الإنسان تقتضي إخلاص الدين لله وحده لا شريك له، وتستلزم إفـراد الله وحـده بالعبادة. فإذا لم يأت بذلك فهو كافر
الانحراف في توحيد الربوبية
1 - جحد ربوبية الله أصلًا وإنكار وجوده سبحانه، كما يعتقد ذلـك الملاحدة الذين يسندون إيجاد هذه المخلوقات إلى الطبيعة، أو إلى تقلب الليل والنهار، أو نحو ذلك
2- جحد بعض خصائص الرب سبحانه وإنكار بعض معاني ربوبيتـه، كمن ينفي قدرة الله على إماتته أو إحيائه بعد موته، أو جلب النفع لـه أو دفع الضر عنه، أو نحو ذلك.
3- إعطاء شيء من خصائص الربوبية لغير الله سبحانه، فمن اعتقـد وجود متصرف مع الله في أي شيء من تدبير الكون من إيجـاد أو إعدام أو إحياء أو إماتة أو جلب خير أو دفـع شر أو غير ذلك مـن معاني الربوبية فهو مشرك بالله العظيم.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى